ورد في تراثنا العربي نصيحة أم لابنتها في ليلة زفافها بشأن زوجها تفيد كلَّ فتاة مقبلة على الزواج، ومنطلقًا من واقعنا الإجتماعي ومعاناته، إرتأينا أن نضع وصية متمِّمة بشأن الحماة، فنقول مستعينين بالله:
¤ أي بنـــيَّة:
إنَّ الوصية لو تُركِت لفضل أدب، أو مَكْرُمة في الحَسَب، لتُرِكت لذلك منك، ولكنَّها تذكرةٌ للغافل، ومعونة للعاقل.
= لو إستغنتِ الأمُّ عن ولدها لِغِناها، وعدم حاجتها إليه، فقد تكون حماتُك أغْنى الناس، ولكن حقُّ أمِّ زوْجك على ولدها هو ألْزمُ الحقوق عليه، كما أنَّ حقَّه هو ألزمُ الحقوق عليك.
= إنك قد فارقتِ المحيطَ الذي منه خرجْتِ، والعُشَّ الذي فيه درجْتِ، والأمَّ التي بروضها ترعرعت، إلى مقرٍّ لم تعرفيه، وأمٍّ ثانية تسير بطريق لم تأْلفِيه، فكوني لها عونًا تكن لك سندًا، وكوني لها بنتًا تُمسِ لك أمًّا.
احملي عني خصالاً عشرًا، تكن لأسرتك ولك ذُخرًا وذكرًا:
أما الأولى والثانية: فالصُّحْبة له بطلاقة الوجه، ومداومة إلْقاء السلام، مع الحِرْص على إنتقاء أطايب الكلام، فإنَّ في قلة الكلام راحةَ القلب، وفي إفشاء السلام رِضَا الربّ.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقُّد لمواجع قلبِها، والتعهد بعدم تعميق الخِلاف معها، فالعاقل لا يترك عودَ الثِّقاب يشعل الأعواد جميعَها، والكيِّس لا ينشر سرًّا كان أهلاً لكتمانه يومًا.
وأما الخامسة والسادسة: فالتعهُّد لوقت صومها وذِكْرها، والهدوء عند نَوْمها، فإنَّ عطش الرُّوح مَتْعبة، وتنغيص النَّوْم مَغْضبة، وإعلمي أنَّ صِغارَك رياحين قلبها، فلا تحرميها من مؤانستهم ومجالستهم، ولا تبني سدودًا بينها وبينهم، دعيهم يفرحوا بحكايات الجَدَّة، ويمرحوا بجوارها.
وأما السابعة والثامنة: فالإرعاء على ذُريتِها وبناتها وأهلها، وعدم النظر لِمَا في يدها، فإنَّ الزهد فيما في يدِها يزيد المحبَّة، ورعاية ذويها يثمر المودَّة.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعْصي لها أمرًا، دون أن توضِّحي لها عُذرًا، وترفَّقي إن طلبتِ منها أمرًا.
تأمَّلي تعجُّنات الجَبين، وارحمي آثار السِّنين، ثم اتَّقي يا بُنيَّة متابعةَ هَنَاتها الصغيرة، لئلاَّ تصغري، فتقزمك الأيَّام بعيني فارس الأحلام!
ثم اتَّقي يا بنيةُ الفرحَ لديها إن كانت تَرِحَة، والإكتئاب إن كانت فَرِحَة، فإنَّ الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين لها إحترامًا تكن أشد ما تكون لك إكرامًا، وأشد ما تكونين لها رعايةً تكن أطولَ ما تكون لك ولأسرتك إسعادًا.
إعملي يا ابنتي، ولا تنتظري منها التقدير، فمثلك ينتظره من العَليِّ القدير، ولا تجزعي أو تتراجعي إن إتهمَتْك بالتمثيل، وأعلنت أنَّ هذا عملٌ ليس له في هذا الزمان مثيل.
تمسَّكي بدروب الخير، فهي وحدَها ستحمل لها الإثبات والدليل، ومثلُك مَن يحلم برِضا الجليل. كوني على يقين أنَّه سبحانه لن يضيع لك أجرًا، ولن يبخسَ لك ذخرًا، ولن يُذلَّ لك اسمًا، نسأله العون والسداد والرشاد.
وسلام من الله عليك.
الكاتب: أم حسان الحلو.
المصدر: موقع منبر الداعيات.